Friday, February 3, 2023

أعداء الكتب

 إذا كُنت تجد الكثير من المتعة في القراءة، فأنت من المحظوظين، لأن هناك مَن لا يجد متعة تُذكر في القراءة، بل على النقيض من هذا يجدها فعلا مملا بحق، فلا يقوى على الجلوس لوقت بلا حراك لمُجرد أن يقرأ كلمات مكتوبة في صحيفة أو كتاب أو حتى في رواية.

في عام 2018، نشر كريستوفر إنغراهام تقريرا في صحيفة "واشنطن بوست" يرصد التراجع الكبير في نسبة الأشخاص الذين يجدون القراءة أمرا ممتعا في المجتمع الأميركي. يقول إنغراهام في تقريره: "انخفضت نسبة الأميركيين الذين يقرؤون للمتعة بأكثر من 30% منذ عام 2004، وذلك وفقا لآخر استطلاع أميركي لاستخدام الوقت صادر عن مكتب إحصاءات العمل".

أوضح التقرير أن إجمالي وقت القراءة بين الأميركيين قد انخفض، من متوسط ​​23 دقيقة للشخص الواحد يوميا في عام 2004 إلى 17 دقيقة للشخص يوميا في عام 2017. رصد التقرير أيضا أن انخفاض القراءة كان أعلى بين الرجال، فقد انخفضت نسبة الرجال الذين يقرؤون للمتعة من 25% في عام 2004 إلى 15% في عام 2017. كذلك فقد انخفضت معدلات القراءة أكثر بين الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 35-44 عاما.

حاول تقرير نُشر على موقع "سايكولوجي توداي" (psychologytoday) تفسير هذه الظاهرة، مؤكدا أن الكثيرين يلقون باللوم على فقدان الشعور بالمتعة عند القراءة على الإنترنت. لكن التقرير ذاته يؤكد أن القراءة الترفيهية قد شهدت انخفاضا منذ ثمانينيات القرن الماضي، أي قبل انتشار الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمولة بفترة طويلة.

هنا، تُشير دراسة طويلة الأمد لاتجاهات القراءة في هولندا إلى سبب مختلف: قد لا يكون الإنترنت هو المسؤول عن فقدان أو تراجع متعة القراءة، وقد تقع المسؤولية أكثر على عاتق "التلفزيون". فمنذ عام 1955 إلى عام 1995، ازداد وقت مشاهدة الأفراد للتلفزيون بينما انخفض وقت القراءة الأسبوعي.

جاء في الدراسة أنه بالتحقيق في أوقات القراءة الترفيهية للسكان الهولنديين بين عامي 1955-1995، تبين أن الوقت الذي يقضيه الأشخاص في القراءة قد تقلص بمقدار النصف تقريبا. عُثِر على أقوى تراجع حدث في معدلات القراءة خلال المرحلة الأولى من انتشار التلفزيون بين عامي 1955-1975. لاحظت الدراسة أيضا أن الانخفاض قد حدث خصوصا بين الرجال مقارنة بالنساء، ونتيجة لذلك، في عام 1995، كانت النساء في المتوسط ​​يقرأن أكثر من الرجال.

أوضحت الدراسة كذلك أن الجمع بين العمل المأجور والمهام المنزلية بين أجيال ما بعد الحرب، والتنوع المتزايد في الأنشطة الترفيهية، يُفسِّر جزءا من الانخفاض الملحوظ في نِسَب القراءة. لكن تعود نتائج الدراسة لتؤكد أن المنافسة من التلفزيون كانت هي السبب الأبرز والأكثر وضوحا لتراجع مُعدلات القراءة.

عادة ما تستطيع القراءة أن تُحقق غرض الترفيه والحصول على المتعة من خلال "القصص"، سواء كانت واقعية أو خيالية. البشر يجدون متعة لا تنضب في تناقل القصص وسماعها.

إن تناقل القصص هو إحدى السمات الرئيسية التي تُفرِّق البشر عن الحيوانات الأخرى. يُمكن للناس الحصول على القصص ليس فقط من الكتب، ولكن أيضا من التلفزيون والأفلام وحتى الكتب الصوتية، وبالتبعية فإن ظهور كل وسيط جديد يخفف من انتشار الآخر. 

إذا كُنت لا تقرأ الكتب من أجل الحصول على المتعة، فرُبما تقرأها من أجل التعلم، وزيادة حصيلة ما تتعرض له من معلومات ومعارف. لكن التعلم من خلال القراءة قد لا يكون هو الطريقة الأمثل للتعلم بالنسبة للجميع، فالبعض يتعلم بشكل أفضل، بل ويميل إلى تفضيل التعلم من خلال "المشاهدة". هذا الاختلاف في طرق التعلم قد يجعل البعض لا يُفضل القراءة ورُبما يكرهها، لأنه في الواقع قد لا يتعلم أو يستفيد شيئا منها.

في الواقع، يتعلم بعض الأشخاص بشكل أسرع وأفضل باستخدام العناصر المرئية مثل الصور ومقاطع الفيديو فيما يتعلق بالمعلومات، ويتعلم من ملاحظة المحيطين فيما يتعلق بالسلوكيات.

قد يعتقد الكثير من الناس أنه على عكس القراءة، فإن مشاهدة الفيديو لا تُسبب الكثير من نشاط الدماغ، ويفترضون أن الدماغ "يتوقف عن العمل" عندما يشاهد المرء مقطع فيديو.

تؤكد أبحاث الرنين المغناطيسي الوظيفي في المركز الطبي بجامعة كولومبيا، أن الاعتقاد السابق ليس صحيحا، وأن الدماغ البشري يكون نشطا للغاية أيضا عند مشاهدة التلفزيون أو مقطع فيديو.

حصلت هذه النتائج من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، حيث وجدت  أن الدماغ يستخدم أنشطة معقدة ومنسقة لمتابعة مقطع فيديو، مؤكدة أن نشاط النصف الأيمن من الدماغ يتحسن عند مشاهدة هذه المقاطع. هذا هو المكان الذي ينطوي على الاستجابات العاطفية، وقد يفسر سبب اهتمامنا عاطفيا بالحياة الخيالية لشخصيات الفيديو. تنشط أيضا مناطق الذاكرة قصيرة المدى لأنه يتعين عليك تذكر ما حدث للتو في تسلسل الفيديو وربطه بما يحدث حاليا.

اليوم يمكنك أن تجد أي مهارة تريد تعلمها أو معلومة تريد تحصيلها على الإنترنت بشكل مرئي، هناك الملايين من المقاطع المُصوَّرة التي تسعى إلى تعليم أشياء متنوعة، ويشاهدها ملايين الأشخاص أيضا. رُبما يكون من الواضح أن مقاطع الفيديو التعليمية والإرشادية عبر الإنترنت قد غيرت من الطريقة التي يتعلم بها الكثيرون، وعززت قدرة البعض على التعلم من المشاهدة.

هناك أسباب أخرى للنفور من القراءة. بعض الأنظمة التعليمية قد تصل بالبعض إلى كراهية "التعلم" من الأساس، قد يكره البعض شكل الكتب والشكل الذي تبدو عليه الكلمات عندما تتراص بجوار بعضها بعضا أو الأسطر عندما تتابع وراء بعضها، ببساطة لأن هذا يُذكِّرهم بتجاربهم الصعبة في التعليم المدرسي والأكاديمي وبيئاتهم التعليمية القاسية.

شمل هذا بالطبع التعرُّض للعنف المدرسي من المعلمين، وكذلك الضغط النفسي الهائل الذي قد تُمارسه بعض العائلات على أطفالهم بهدف دفعهم إلى تطوير مستواهم الأكاديمي وتحسين درجاتهم في الاختبارات الدراسية. هل سمعت من قبل أحد أفراد عائلتك أو أحد أصدقائك يُخبرك أنه بعد أن أنهى تعليمه الجامعي أصبح يكره حتى مُجرد رؤية الكتب؟ لعله أخبرك أن السبب في ذلك أنه كان يقضي ساعات طويلة وليالي كاملة ساهرا على تحصيل المعلومات من كتبه المدرسية أو الجامعية، وأن هذا الضغط النفسي الهائل وخوفه من الامتحانات وخشيته من المستقبل الذي ستحدده هذه الامتحانات صبغ علاقته بالكتب والقراءة، ما جعله يرفض لاحقا رفضا تاما أن يقرأ كتابا بإرادته الحرة دون دراسة أو امتحانات، لأن آخر ما كان يرغب فيه حقا هو التحديق في المزيد من الكلمات.

بخلاف العنف والضغط، هناك عدّة أسباب أخرى تدفع بالبعض إلى كراهية التعليم المدرسي أو الجامعي وبالتبعية الكتب، التي منها: انعدام الحرية، الذي قد يخنق فضول الطفل ورغبته في التواصل. التواصل هو المطلب البشري الأكثر بدائية وفطرية. يميل الأطفال إلى أن يكونوا ثرثارين وكثيري الحركة ولديهم رغبة دائمة ومستمرة في استكشاف بيئتهم ومحيطهم، وهو الأمر الذي قد لا تسمح به بيئة المدرسة، التي ترغب، على الأغلب، في أن يكون الطفل جالسا في مكانه صامتا وهادئا يتلقى فقط من مُعلمه المعلومات والعلوم المختلفة.

بشكل مماثل، فإن الواجب المنزلي هو شيء يكره أغلب الطلبة القيام به. قد يُمثِّل قضاء ساعات طويلة في المدرسة ثم بذل جهود إضافية لأداء الواجبات المنزلية عبئا على الأطفال. الملل الذي قد يشعر به الطفل أثناء أداء الواجبات المنزلية قد لا يقل حِدّة عن الملل الذي يشعر به أثناء اليوم الدراسي، بخلاف الضغط الذي يخلقه تهديد سؤال المعلم في اليوم التالي عن واجبات الأمس. لذلك، يميل الطلاب إلى الهروب من مسؤولية إكمال وتقديم الواجبات المنزلية.

كل هذا قد يخلق نفورا من بيئة المدرسة ورُبما كراهية فكرة التعلم، لأنه يتم ربطها ولو بشكل لا واعٍ بالملل وتقييد الحرية، وهو ما قد يربطه البعض لاحقا بالقراءة الحرة والكتب حتى ولو بعد سنوات من إنهاء التعليم والحصول على الشهادة الجامعية.

صعوبة المواد الدراسية وثقلها على بعض الأطفال سبب آخر قد يؤدي أيضا إلى حدوث النفور اللاحق من الكتب والقراءة، إذا كنت طفلا محاطا بنوع خاطئ من الكتب ثقيلة المحتوى غير المناسبة لمرحلتك العمرية أو لقدراتك الفردية الفريدة، فمن الطبيعي، لاحقا، ألا تبدو الكتب والقراءة أمورا جذابة. القارئ النهم هو الشخص الذي، على الأرجح، يكون قد اكتشف متعة القراءة منذ سن مبكرة، هذا الشعور بالمتعة رُبما يكون هو الحافز الذي دفعه للقراءة كثيرا.

قد يكره الأشخاص الذين يجدون بعض الصعوبات في القراءة أو التركيز الكتب والقراءة أيضا، نظرا إلى عدم قدرتهم على استيعاب المعرفة والمعلومات الجديدة التي تحملها سطور الكتب وصفحاتها بوتيرة مُرضية. عندما يقرأ الناس بوتيرة بطيئة جدا، فإن هذا يزعجهم ويحبطهم، ويجعلهم يشعرون بعدم الكفاءة. بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، تبدو القراءة مضيعة للوقت وتؤدي إلى الشعور بمشاعر شديدة السلبية. على العكس من ذلك، فإن الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات قراءة كافية أو قدرة على القراءة السريعة يكونون أكثر عُرضة للاستمتاع بالقراءة.

يضا الأشخاص الذين يتشتتون كثيرا وبسهولة سيجدون صعوبة في الخوض في كتاب والتعمق في الأفكار التي يحملها. قد يكون أحد أسباب حدوث التشتت هو المُعاناة من الكثير من التوتر أو القلق في الحياة، التوتر والقلق يمكن أن يجعلا القراءة تجربة صعبة ومحبطة يريد الشخص تجنبها. كيف يُمكنك أن تحب الكتب والقراءة إذا كنت لا تستطيع التركيز وكان عقلك يتجول باستمرار للتفكير في الضغوط التي ستواجهها خلال العمل غدا، وكيف سترد على مديرك الذي ضايقك اليوم؟ وكيف ستُصالح زوجتك التي تشاجرت معها عند عودتك من العمل؟ من الطبيعي هنا أن تُفضل القيام بأي نشاط آخر لا يتطلب منك التركيز، وتهرب من القراءة التي تحتاج إلى طاقة ذهنية مُستنزفة من الأساس بفعل القلق والتوتر.

و قد يكون من الشائع جدا أن تؤثر الأمراض العقلية على قدرة المرء على القراءة. حيث يؤثر التعرّض لصدمة بالتأكيد على القدرة المعرفية، والتركيز، والقدرة على التعلم، وحتى القدرة على القراءة. عندما نتعرض لصدمة ما فإننا نشعر بالخطر، هنا تعدّنا أجسادنا لاتخاذ استجابة الهروب أو المواجهة أو التجمد، الهدف من هذه الاستجابة هو أن نتمكن من حماية أنفسنا من الخطر. في تلك اللحظة، يتعطل نشاط قشرة الفص الجبهي، وهي الجزء من الدماغ المسؤول عن مهام التفكير العميق مثل القراءة والرياضيات.

إذا أُصيب شخص ما باضطراب ما بعد الصدمة، فإن جسده، في هذه الحالة، لم يعد يعتقد أنه في أمان. نتيجة لذلك، يتصرف الدماغ كما لو أن الحدث الخطير، الذي انتهى بالفعل، يحدث مرارا وتكرارا، مما يخلق دائرة مستمرة من ذكريات الماضي، ومجموعة متنوعة من الأعراض الجسدية، ويغلق قشرة الفص الجبهي التي تُمكِّننا من القراءة وفهم ما نقرأ.

من ناحية أخرى، تتطلب القراءة غالبا التعاطف، أو تخيل أنفسنا في مكان الشخصيات، بينما يمكن أن يؤثر التعرض للصدمات على الطريقة التي نتعامل بها مع الآخرين، وقد يُفقدنا القدرة على التعاطف التي كانت تُمكننا من استيعاب ما نقرأه والاستمتاع به. تؤكد ويليامسون أن قدرة الشخص على القراءة لا تتأثر سلبا باضطراب ما بعد الصدمة فقط، بل هناك العديد من الأمراض العقلية الأخرى التي تتسبب في حدوث الأمر ذاته، وذلك لأن مشكلات التركيز تحدث في مجموعة متنوعة من التشخيصات والأمراض.





Thursday, January 26, 2023

من مسح الأرضيات إلى صفقة الـ19 مليار دولار.. كيف أسس لاجئ أوكراني أهم تطبيق على هاتفك الذكي؟

تتحدث الإحصاءات عن أرقام مذهلة حققها تطبيق "واتساب" خلال عام 2022، ففي الثانية الواحدة تُرسل نحو 1.1 مليون رسالة عبر التطبيق عالميا. وخلال دقيقة واحدة، تكون خوادم "واتساب" قد نقلت نحو 70 مليون رسالة بين مستخدميها، بينما يصل حجم الرسائل المتبادلة على التطبيق خلال ساعة واحدة فقط أكثر من 4.2 مليارات رسالة. هذا القدر الضخم من الرسائل يُتبادَل بين أكثر من 2.4 مليار مستخدم، مما يجعل "واتساب" واحدا من أكثر التطبيقات تحميلا على الهواتف الذكية على الإطلاق.  

والآن دعونا نترك الحديث عن التطبيق الذي نستخدمه جميعا يوميا بالفعل، ولا داعي لتعديد مناقبه التي نعرفها جيدا، ونتحدث عن شيء آخر لا يعرفه الكثيرون وهو قصة تأسيسه. فمَن هو الشخص الذي يقف وراء تأسيس هذا التطبيق هائل الانتشار؟ وكيف كانت رحلته؟

البداية لم تكن في وادي السيليكون أو في أي مدينة مليئة بناطحات السحاب في الولايات المتحدة، بل كانت في منزل فقير في إحدى ضواحي العاصمة الأوكرانية "كييف" عام 1976، حيث كانت أوكرانيا تابعة للاتحاد السوفيتي. في الواقع، كانت الأمور سيئة للغاية، لدرجة أن المنزل الذي وُلد فيه "جان كوم" لم يكن يحتوي على مياه جارية أو كهرباء مستمرة، وهو الأمر نفسه بالنسبة للمدرسة التي تردد عليها في طفولته التي افتقرت إلى وجود دورات مياه داخلية. 

كان المجتمع الذي نشأ فيه "جان" مغلقا للغاية، لدرجة أنه وصفه لاحقا بأنه تجسيد لرواية "1984" -رواية سوداوية عالمية تصف المجتمعات الشمولية الاستبدادية- في عالم الواقع، حيث التجسس على الهواتف في كل مكان، وتوجيه عقوبات للأشخاص بسبب تحدثهم سرا عن بعض زعماء الحزب الشيوعي، وموارد محدودة للغاية، وبالطبع غياب أي فرصة للتعبير عن الرأي أو متابعة ما يجري حول العالم. 

ثم جاء "الفرج" على هيئة خطاب من الحكومة الأميركية بقبول طلب الأسرة بالهجرة إلى أراضيها، حيث هاجر "جان كوم" مع والدته إلى الولايات المتحدة وهو ابن 16 عاما، وذلك عام 1992. حاول أبوه اللحاق بهم، ولكنه لم يستطع وتوفي في أوكرانيا عام 1997. وقف القدر في صفّ "جان" عندما قرر أن البلدة التي سوف تستقبل عائلته هي "ماونتن فيو" في ولاية كاليفورنيا، حيث سكنا في شقة صغيرة للغاية تمنحها الحكومة الأميركية للاجئين والمهاجرين الجدد، لمساعدتهم على التأقلم في المجتمع وتعلم اللغة والبحث عن الفرص. 

وبالفعل، وبالاعتماد على شراء "بقايا الطعام" المعاد تغليفه بأسعار زهيدة للغاية بدأت الأسرة حياتها الجديدة في الولايات المتحدة، حيث عملت الأم عملها "جليسة أطفال"، بينما عمل الابن المراهق في تلك الفترة "منظف أرضيات" للمحال التجارية للحصول على بعض الأموال التي تساعده في الدراسة.

بعد التحاقه بالثانوية، ومع الاتجاه العام في ولاية كاليفورنيا للاهتمام بالتقنية عموما، قابل جان كوم لأول مرة "جهاز الحاسب الآلي" الذي لم يكن مرّ عليه سابقا على الإطلاق، ناهيك بالتعامل مع شبكة الإنترنت التي كانت متزايدة الانتشار بشكل هائل في أميركا آنذاك. أبدى الشاب اهتماما كبيرا بتعلم البرمجة وأساسيات الحاسوب، وعلَّم نفسه ذاتيا عبر شراء الأدلّة المختلفة من المتاجر المحلية وتطبيق ما يقرأه بنفسه.

ورغم أنه لم يكن طالبا مجتهدا على الإطلاق في المرحلة الثانوية، وكان "كثير المشكلات" كما يصف نفسه، فإنه استطاع بعد أن تخرج بصعوبة بالغة أن يلتحق بجامعة سان خوسيه، ومن ثم بدأ العمل في مؤسسة "إرنست آند يونغ" (Ernst and Young) العالمية الشهيرة موظفا في قسم "اختبار أمن المعلومات". في تلك الأثناء، وبعد عدة أشهر فقط من تولي وظيفته، قابل "جان كوم" لأول مرة زميله الجديد "برايان أكتون" الذي كان يعمل في شركة "ياهو" (Yahoo)، والذي استطاع أن يوفر له فرصة عمل في المجال نفسه "الاختبار الأمني" في شركة "ياهو" التي كانت تُعَدُّ آنذاك -عام 1997- أضخم شركات التقنية في وادي السيليكون وأكثرها نموا، قبل حتى تأسيس شركة "غوغل". 

بعد بقائه لعدة شهور في "ياهو" بوصفه مختبِرا أمنيا بدوام كامل، قرر جان كوم عدم الاستمرار في دراسته الجامعية والتفرغ لمساره الوظيفي، وفي الوقت نفسه ساعدته وظيفته في الانضمام إلى مجتمعات تقنية متطورة في وادي السيليكون استطاع من خلالها تطوير خبراته وتجاربه سريعا في عالم أمن المعلومات. ومع ذلك، ومع حالة الاستقرار الوظيفي تلك، فإن خبرا سيئا كان ينتظر جان كوم على الجهة المقابلة، عندما عرف أن والدته أُصيبت بالسرطان وهي تقاتل في مراحله الأخيرة حتى تدهورت حالتها ورحلت عن العالم عام 2000.

على مدار تسع سنوات كاملة، لبث جان كوم في وظيفته العتيدة في "ياهو" التي وفَّرت له دعما ماديا ومعنويا كبيرا، حيث حصل على ترقية ليصبح مديرا لقسم البنية التحتية في الشركة العملاقة. كانت علاقته بزميله القديم "برايان أكتون" قد توطّدت أكثر بكثير، حتى قرر كلاهما القيام بمغامرة كبيرة وهي الاستقالة من العمل في "ياهو" في خريف عام 2007، وأخذ عطلة لمدة عام كامل يسافر فيها الصديقان إلى أنحاء مختلفة في الولايات المتحدة لقضاء بعض الوقت الممتع بعد سنوات من العمل المستمر. 

بعد عودتهما من العطلة، واعتمادا على خبرتهما الكبيرة في شركة "ياهو" التي كانت قد بدأت في التراجع بشكل حاد بين الشركات التقنية، تقدّم كلاهما للالتحاق بوظيفة في شركة "فيسبوك"، لكنَّ كليهما فوجئ بالرفض، وكان سبب الرفض هو أن مهاراتهما لا ترقى للعمل في الشركة! هذا الرفض تحديدا سيخلّده التاريخ التقني في أرشيفه لاحقا ربما بوصفه "أغلى رفض في التاريخ"، عندما تدور الأيام ويهرع مؤسس فيسبوك لمقابلة كلٍّ من جان وبريان بنفسه، بل ويتودد لهما بالقدوم إلى منزله. 

ففي مطلع عام 2009، اشترى جان كوم هاتف "آيفون"، ولاحظ أن الهاتف الجديد قد أطلق متجر تطبيقات "آب ستور" (App Store)، الذي أدرك فورا أنه يعكس أهم نقلة تقنية في السنوات المقبلة، وهي "تطبيقات الهواتف الذكية". ومع شبكة علاقاته الواسعة التي كوّنها في "ياهو"، زار الشاب عددا من أصدقائه التقنيين لاستشارتهم ومعرفة المزيد عن تفاصيل صناعة التطبيقات التي كانت جديدة آنذاك، حتى قرر هو وصديقه العتيد "بريان أكتون" تأسيس شركة لتطوير تطبيق للمراسلة الفورية عبر الهواتف، لم يتعب في اختيار اسمه "واتساب" (Whatsapp)، وهي الكلمة الشبيهة نُطقا بكلمة "What’s Up" التي تعني "ما الجديد؟". 

كان جان كوم قد أتم عامه الثالث والثلاثين عندما أطلق شركته الناشئة الجديدة "واتساب" في كاليفورنيا عبر مقر صغير يحوي بعض الموظفين الذين جلبوا معهم أغطيتهم ومقاعدهم الشخصية من المنزل، لتبدأ رحلة تأسيس "شركة ناشئة" كانت تبدو عاديا تماما آنذاك. 

خلال الأشهر الأولى من عام 2009، لم يبدُ أي تأثير يُذكر للتطبيق الجديد. لاحقا، وفي منتصف العام، أطلقت شركة أبل خاصية "التنبيهات" (Push Notification) التي سمحت للرسائل بالظهور بشكل مباشر للمستخدم، وهو ما جعل "كوم" يغير تنبيهات واتساب إلى نغمة "بينغ" (Ping) الشهيرة التي تصدر من الهاتف بعد تلقي الرسائل. بعد هذه الإضافة، ومع المزيد من تطوير التطبيق، لاحظ كوم تزايد الإقبال على تحميلات التطبيق بشكل متسارع، خصوصا في الدول النامية.

 مع تزايد إقبال المستخدمين على التطبيق عالميا، باعتباره وسيلة مراسلة غير مكلِّفة بديلة عن رسائل الهاتف القصيرة "SMS"، بدأ التطبيق في تكوين قاعدة مستخدمين، واستطاع حصد جولة تمويل بذرية مبدئية (Seed Fund) بقيمة 250 ألف دولار، ليبدأ في تسريع وتيرة التطوير بشكل أكبر.

 ساهم في تسريع نمو المستخدمين ابتعاد التطبيق عن استخدام الإعلانات تماما، والمحافظة على الحد الأدنى من الخصوصية للمستخدمين. هذا الاتجاه جعل تطبيق "واتساب" ينمو سريعا بين المستخدمين حول العالم بدون استخدام أي حملات تسويقية أو حملات علاقات عامة، خصوصا في الدول النامية التي وجد مستخدموها فرصة ممتازة للتواصل بلا تكلفة. بقدوم عام 2012، تلقى "جان كوم" اتصالا مرحا من "مارك زوكربيرغ" مؤسس فيسبوك، يعرض عليه الخروج معا وتكوين "صداقة".

 بمرور الوقت، تكوَّنت علاقة صداقة بين الشابين، وأصبحا يتناولان القهوة معا، ولديهما أرقام هواتف بعضهما بعضا. كان من الواضح أن زوكربيرغ يراقب تطوّر نمو "واتساب"، وقواعد المستخدمين المتصاعدة بشكل سريع للغاية التي يحققها التطبيق، ويحرص على إبقاء علاقته قوية مع مؤسسه التي استمرت لمدة عامين كاملا، حتى جاء اليوم الموعود في فبراير/شباط 2014. 

 في التاسع من فبراير/شباط 2014، طلب مارك زوكربيرغ من جان كوم أن يحضر إلى منزله لتناول العشاء معا في سهرة ودية معتادة. وعند جلوسهم جميعا، وجد كوم أمامه على الطاولة عرضا رسميا للصفقة التي يعرضها عليه زوكربيرغ وتسمح لفيسبوك بالاستحواذ الكامل على تطبيق واتساب، وضم "جان كوم" إلى مجلس إدارة فيسبوك، مقابل صفقة إجمالية تُقدَّر بـ19 مليار دولار. ورغم ضخامة الرقم، طلب كوم بضعة أيام للتفكير، ثم عاد مرة أخرى لمناقشة بعض شروط الصفقة مع زوكربيرغ، وذلك في يوم 14 فبراير/شباط.

 

لم يكن تردد "جان كوم" مبالغا فيه كما يمكن للبعض أن يظن، فتطبيق "واتساب" في بداية عام 2014 كان قد وصل عدد مستخدميه حول العالم إلى 450 مليون مشترك، 70% منهم يستخدمون التطبيق بشكل فعال يوميا، فضلا عن مليون مشترك إضافي يقوم بتحميل التطبيق يوميا. هذه الأرقام الضخمة كانت تقود التطبيق ليصبح منافسا رئيسيا لفيسبوك قريبا، وهو ما استدعى أن يشاور جان كوم عددا من أصدقائه والمستثمرين الذين قدَّموا عدة جولات تمويلية للتطبيق منذ إطلاقه في 2009.

 

أخيرا، قرر جان كوم الموافقة على عرض استحواذ فيسبوك على شركته، وهو ما جعله ينضم إلى نادي مليارديرات العالم بثروة قُدِّرت عام 2014 بنحو 7.5 مليارات دولار، حيث كان يمتلك 45% من أسهم الشركة، واستمرت ثروته في التصاعد مع تصاعد قيمة سهم فيسبوك الذي أصبح عضوا في مجلس إدارته، لتصل إلى نحو 13.8 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول 2022. 

في النهاية، بدأ جان كوم رحلته في الحياة من ضواحي بلدة سوفيتية، ثم مهاجرا يعمل في تنظيف الأرضيات، ثم موظفا لعدة سنوات طويلة اكتسب منها الخبرة والتجارب، قبل أن يطلق تطبيق "واتساب" وهو ابن 33 عاما، ليشهد أخيرا توقيع أكبر صفقة استحواذ تقني شهدها العالم آنذاك وهو ابن 38 عاما بثروة تُقدَّر آنذاك بسبعة مليارات دولار، ووصلت إلى ضِعْف هذا المبلغ لحظة قراءتك لهذه السطور.

 

ومع ذلك، ورغم هذه الرحلة الطويلة، فإنه يرفض تماما لقب "رائد أعمال"، حتى إنه صرح ذات مرة قائلا: "الشخص التالي الذي سوف يصفني بأني رائد أعمال سأجعل حارسي الشخصي يلكمه في وجهه".

Sunday, January 15, 2023

مملكة الكسل.. لِمَ نتخلى عن أهدافنا للعام الجديد بحلول يوم 19 يناير؟

بناء الأهداف الجديدة على رأس كل سنة هو عادة ثابتة للجميع تقريبا، فنحن نميل دائما إلى اعتقاد أننا أشخاص جدد ذوو همم جديدة كل عام، لكن سرعان ما تهدأ هذه الثورة سريعا للأسف، ولا يكاد شهر يناير/كانون الثاني ينتصف حتى نبدأ في فقدان تلك الأهداف وكأنها وريقات شجر تتساقط عن فروعنا، فلِمَ يحدث ذلك؟ وهل يمكن التغلب على الأمر؟

لا تخلو بعض الأعوام من كدر وتنغيص نكون في مواجهتهما مَسلوبي الإرادة متردين إلى الهاوية، كعام 2020 الذي خضنا فيه غمار الحرب مع وباء كورونا. ولأن حياتنا في هذا العام كانت مرتعا للألم، ومضت حينها الأيام لا تحمل بصيصا من الأمل، كنا جميعا نتوق إلى انتهاء العام واستقبال العام التالي مُتشبثين بأمل يتجدد باستمرار. ونظرا إلى أهمية وجود شيء في حياة الإنسان تنعقد حوله آماله ويجعل لحياته قيمة، نجدنا مع كل عام جديد نستحث الخطى نحو أهداف جديدة، مُدَاعبين الأمل من جديد، عازمين بصدق على نبذ الماضي، وآملين في تغيير حقيقي لشخصياتنا وحياتنا.

ظهرتْ دراسة حديثة أُجريتْ على الأميركيين أن ما يقرب من 74% منهم وضعوا أهدافا جديدة مطلع العام الماضي 2021، ولا عجب أن قوائم الأهداف التي تصدرت المراكز العشرة الأولى تمحورتْ حول نِيَّات الناس في الالتزام بمزيد من الأكل الصحي، وقضاء وقت أطول مع الأصدقاء والعائلة، ووقت أقل على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالطبع الإقلاع عن التدخين. لكن رغم أن معظم الناس يعتقدون في البداية أنهم سينجحون في بلوغ هذه الأهداف المنشودة، أظهرت الأبحاث شيئا آخر وهو أن معظمنا سرعان ما يتخلى عن أهدافه بحلول يوم 19 يناير/كانون الثاني، وهذا ما أظهره بحث اعتمد في بياناته على تطبيق اللياقة البدنية "سترافا" (Strava)، متتبعا أكثر من 98 مليون هدف متعلّق بأنشطة اللياقة البدنية التي أدخلها المستخدمون بأنفسهم.


غالبا ما يصرف الناس ربيع عمرهم في تكرار الأهداف نفسها عاما تلو الآخر، لأنهم في الأصل لم يتقنوها أبدا ولم يسفر مسعاهم في النهاية عن شيء حقيقي.

إ

ن تملصنا من فكرة الالتزام أو افتقارنا لقوة الإرادة ليست الأسباب الحقيقية التي تدفع الناس عادة إلى التخلي عن قراراتهم، وإنما السبب الرئيسي وراء ذلك هو وقوعنا فريسة سهلة لطريقة تفكير خاطئة أثناء تخطيطنا لأهداف العام. وفيما يلي سنناقش أربعة مآزق شائعة نتعثر بها دائما وعلينا تجنبها أثناء التخطيط.

أهداف مُرهِقة ننسحق تحت وطأتها

انتظارنا طويلا لانتهاء العام واستقبال عام جديد بإرادة متوثبة وأهداف جديدة قد يجعلنا غالبا نقع فريسة لحماس طاغٍ يتولانا بغتة، ويهيّج في النفوس ثورة جامحة لتحقيق أهداف عالية جدا. والمشكلة هنا أننا عندما نحمّل أنفسنا ما لا طاقة لنا به لبلوغ أهداف غير واقعية لا تربطها بطبيعتنا الحقيقية إلا أوهى الصلات، فإن دوافعنا الداخلية لا تصمد طويلا. ورغم أن الأبحاث تُظهر أن أشد الأهداف تحفيزا هي تلك التي تبدو عسيرة في بلوغها، فإننا مع ذلك يجب ألا نغفل عن حقيقة أن هذه الأهداف لا بد أن تكون قابلة للتحقيق في المقام الأول.

ذلك لا يعني بالطبع التخلي عن الأهداف الكبيرة في حياتنا، لكن قبل الاستسلام لمداعبة الأحلام الكبيرة، علينا فقط تغيير طريقة تفكيرنا إزاءها. ربما تعيش في بلد ما وتريد الانتقال إلى بلد آخر لكنك لا تعرف أي مدينة بالتحديد تريد أن تسكنها. في هذه اللحظة، بدلا من أن تجلس قلِقا لا تعرف السكينة سبيلا إلى نفسك، عليك توجيه تركيزك نحو كيفية تحصيل بعض المعلومات المفيدة عن هذا البلد الذي تريد زيارته أو الانتقال إليه.

قد يبدو الانتقال من بلد إلى آخر -مثل العديد من الأهداف الكبيرة الأخرى- أمرا مُربكا يُثقل كاهلنا. ولتفادي احتمالية أن تتحول هذه الأهداف العسيرة إلى عقبات، علينا تقسيم خططنا إلى أجزاء أصغر ونحن نشق طريقنا إليها، حتى لا تتشرب أرواحنا بالإحباط بسبب الحجم الهائل لهذه الأهداف. بهذه الطريقة تصبح أهدافنا أكثر وضوحا واتساقا، فيسهّل علينا ذلك تبيُّن الخطوة التالية التي تقرّبنا أكثر وأكثر إلى وجهتنا المنشودة.

قد تواجهنا أحيانا ظروف خارجة عن نطاق سيطرتنا تُعرقِل سبيلنا نحو أهدافنا. وهذا بالضبط ما شهدناه في الأعوام الثلاثة الماضية منذ بدء انتشار جائحة كورونا التي أثَّرت على خطط العالم كله وازداد الوضع سوءا بزيادة عدد الحالات. ومع قرارات الإغلاق التي اتخذتها البلاد للحد من انتشار الفيروس، تقوضت قدرات الأشخاص على تحقيق أهدافهم. لهذا السبب بالتحديد، من المهم للغاية أن نملك خطة بديلة في حالة تعرضنا لأي ظروف طارئة يمكن أن تُثنينا عما اعتزمناه.
لا بد أن تضع في حسبانك العقبات التي قد تعترض سبيلك في أي لحظة فتنسج نِقابا من اليأس والقنوط حول إرادتك.

أنه أثناء تحديد الأهداف، لا بد أن تضع في حسبانك العقبات التي قد تعترض سبيلك في أي لحظة فتنسج نِقابا من اليأس والقنوط حول إرادتك. قد تُفاجئك هذه العقبات في الأسبوع الأول من العام الجديد وأنت تحاول جاهدا الحفاظ على أهدافك، أو ربما يمر العام دون مواجهة أيٍّ منها، وأحيانا أخرى قد تظهر هذه العقبات في مكان ما في المنتصف. لكن بغض النظر عن هذه الاحتمالات كلها، عليك التخطيط مُسبقا لمواجهة عقبات يمكن أن تعترض سبيلك في أي لحظة. لذا، من المهم أن نسأل أنفسنا عن ماهية هذه العقبات التي من المحتمل أن نواجهها وكيفية حلها.


إذا اشتريت عضوية جديدة في صالة الألعاب الرياضية على سبيل المثال، وخططت لممارسة الرياضة كل يوم، فإنك قد لا تضع في حسبانك بعض الاحتمالات التي قد تعترض سبيلك، كأن يُغلَق المكان مثلا بسبب الوباء أو أي سبب كان، أو أن يتملكك السأم من التمارين، أو أن ترفع الصالة الرياضية تكلفة اشتراكها الشهري بما يتجاوز قدرتك على الدفع، أو أي مُعرقلات أخرى قد تتعثر بأذيالها.

ذا لم تضع في خطتك احتمالية مواجهة مثل هذه العقبات، فيمكنها بسهولة أن تعرقل تقدُّمك. في حين إذا توقعت حدوث مثل هذه الأشياء، وتساءلت عما عسى تتمخض عنه هذه العقبات، فإن ذلك يُسهِّل عليك إعداد خطة بديلة. وفي النهاية، أيما كانت أهدافك، فلا بد أن تتطلع دائما إلى الجانب المشرق من الحكاية وتداعب الأمل دون أن تنسى التخطيط لأسوأ الاحتمالات التي قد تنغِّص صفو حياتك.

علينا أن نصرف أنفسنا عن متابعة أهدافنا باعتبارها مهام صارمة لا بد من تحقيقها بحذافيرها، ونفكر بدلا من ذلك في النتائج الإيجابية التي تحققها خطواتنا الصغيرة.

لنأتِ الآن إلى المأزق الثالث. من المرجح أن طبيعتنا البشرية تحتم علينا التفكير بطريقة "إما الحصول على كل شيء وإما لا شيء"، بمعنى أننا ننظر بعين ناقدة لا تتلمس مواضع الرضا فيما نحققه. فإن لم ننتهِ من ذلك الماراثون، استصغرنا أنفسنا، وإذا لم نحصل على العلامة الكاملة في الاختبار، فذلك يعني فشلنا الحتمي. ورغم أن العديد من الناس يعتقدون أن مثل هذه الأفكار ستكون مُحَفزة، فإننا في الواقع نُقدِّم أنفسنا لقمة سائغة للإحباط.

المشكلة هنا أننا إذا حصلنا على علامة غير كاملة أو تمكنا من إكمال نصف الماراثون فقط، فسرعان ما نتجرع غصص الألم وننطوي على أنفسنا طويلا، بدلا من السماح لكل ذلك أن يبعث فينا روحا جديدة مفعمة بالفخر لمواصلة العمل. وإحدى المفارقات العجيبة أننا بدلا من أن نمضي قاهرين لنزعات الضعف التي تُومَض في نفوسنا بين الحين والآخر، نختار أن نهاجم أنفسنا ونحاكمها مُحاكمة قاسية نتيجة للهواجس التي تسكننا بأننا "لم نكن جيدين بما فيه الكفاية" لبلوغ أهدافنا، فنتوقف عن المحاولة.

أحد أشهر الأمثلة على هذه المعضلة هي مساعينا المتكررة لترتيب خزانة ملابسنا. غالبا ما تبوء هذه المساعي بالفشل، لذا يحاول معظمنا أن يضع هذه المهمة ضمن قائمة أهدافه التي يأمل تحقيقها، لكن ولسبب ما نفشل مجددا في تحقيق هذا الهدف. ويكمن حل هذه المُعضلة في تغيير طريقة تفكيرنا إزاء ترتيب الملابس.

لسنوات طويلة، ظل قرار الحفاظ على خزانة ملابسي مرتبة وأنيقة ضمن أهدافي كل عام. كنت أهدف إلى ترتيب الخزانة بأكملها مرة واحدة وإبقائها على هذا النحو دائما، لكن ذلك لم يُجدِ نفعا من الناحية العملية. لكن بمجرد أن غيّرت طريقة تفكيري إزاء هذا الهدف الكبير، وقررت تقسيمه إلى أجزاء أصغر، كقضاء 10 دقائق أسبوعيا في الحفاظ على الخزانة مُرتبة، بلغتُ هدفي المنشود، وتُوجتْ هذه الإستراتيجية بالنجاح بعيدا عن نظرية إما الكل وإما لا شيء التي كنت أتبناها دائما مستسلمة لغواية إما الحفاظ على الخزانة مُرتبة تماما طوال الوقت، وإما تركها تنقلب رأسا على عقب.
للتغلب على نظرية "إما الكل وإما لا شيء"، علينا أن نصرف أنفسنا عن متابعة أهدافنا باعتبارها مهام صارمة لا بد من تحقيقها بحذافيرها، ونفكر بدلا من ذلك في النتائج الإيجابية التي تحققها خطواتنا الصغيرة. فإذا كنت ترغب في إنقاص وزنك على سبيل المثال، فخسارتك لـ50 رطلا هو إنجاز رائع بالطبع، لكن خسارتك لـ20 رطلا ليس بالأمر السيئ على الإطلاق. وبالتالي، إذا ما تشرَّب أغلبنا الدروس المضمّنة من هذه الإستراتيجية، فلن يكون لعواقب إخفاقنا بالضرورة كل هذا الثقل الرازح فوق نفوسنا، وهو أمر من المرجح أن يساهم في أن تمتلئ نفسك بالثقة وتصحّ عزيمتك على السير في الطريق إلى نهايته عبر الاستمرار في المحاولة.

حيانا تقرر تجنب أكل الحلوى، لكن في لحظة عابرة تنهزم إرادتك أمام قطعة من كعكة الشوكولاتة. وبمجرد الانتهاء منها، يقتحمك شعور بأنك أفسدت الأمر برمته، وتبدأ عاصفة من تقريع الذات في اجتياح نفسك، ومع شعورك بالإحباط، سرعان ما تستسلم لالتهام قطعة ثانية وثالثة من الكعكة، ما يضاعف من قنوطك أكثر. بغض النظر عن أن مصارعتك لنفسك مصارعة لا هوادة فيها هو أسلوب غير عادل وقاسٍ للغاية، فإن مثل هذا النقد الذاتي لن يكون الجسر الذي ستعبر من خلاله إلى النجاح كما قد يُخيّل إليك. تُعَدُّ أقصر طريقة لإقناع عقولنا بأنه لا فائدة من المحاولة هي الإذعان لأفكارنا اللاذعة بأننا غير أكفاء أو أغبياء أو نفتقر إلى قوة الإرادة.

إذا كنت تقود سيارتك، وبدون قصد منك تجاوزت إشارة المرور، وتلقيت مخالفة على ذلك، فهل ستستمر في تقريع ذاتك وتقرر تجاوز الإشارات طوال اليوم ما دام الخطأ قد وقع منذ البداية، ثم تنوي الالتزام بدءا من الغد؟ عليك أن تدرك أن محاولة إصلاح خطأ واحد بالاستمرار في ارتكاب مجموعة أخرى من الأخطاء ليس بالأمر الصحيح. لذا، لا بد أن تعلم مقدما أنك سترتكب أخطاء بالطبع، وبالتالي عليك أن تتعلم كيف تكون أشد تسامحا إزاء ما ابتُليت به طبيعتنا البشرية من تقريع الذات، وأن تتمكن من البدء سريعا مرة أخرى.

نصيحة بسيطة لكنها قوية حول كيفية ممارسة قدر أكبر من التعاطف الذاتي، فكِّر فيما ستقوله لصديق أو شخص عزيز عليك ارتكب الخطأ ذاته الذي ارتكبته للتو، ثم اسأل نفسك: هل ستكون قاسيا مع هذا الشخص؟ ألا يعني ذلك أنك تُثقل كاهلك بمعايير غير واقعية؟

على أية حال، لا يوجد في هذه الحياة مَن هو كامل، هذه هي الحقيقة المجردة حتى وإن بدت مُبتذلة بعض الشيء. مهما كانت أهداف العام الجديد، فمن المحتمل أننا سنتعثر ببعض العقبات في مرحلة ما. وبدلا من أن نلوم أنفسنا على ذلك، لا بد أن نفهم أننا بشر معرضون لأن نرتكب أخطاء ويخيب مسعانا في أي لحظة. لذا بدلا من جلد ذواتنا على أخطاء ارتكبناها، علينا فقط تجاوزها، ومسامحة أنفسنا والعودة لاحتضانها من جديد.

في نهاية المطاف، عليك أن تدرك جيدا أن أهدافك الجديدة مع بداية كل عام لا تتعلق بالكمال، وإنما بقدرتك على الالتزام بشيء تهتم به، شيء قد يحسّن حياتك، أو يغمرك بالقليل من السعادة، أو يُحسِّن من الرقعة الصغيرة التي تقطُنها في هذا العالم الفسيح.

Monday, November 14, 2022

The best ways to profit from the Internet for the year 2023

 1. Profit from the Internet through e-commerce:

I can't take an article talking about ways to profit from the internet at the moment and I don't put e-commerce in the forefront. It is known to everyone that e-commerce is no longer just an option, but a necessity and a solution to a problem that all human beings suffer from now.

Reasons why starting an e-commerce business is an excellent choice right now

The outbreak of the Corona virus, which made most people prefer shopping without direct contact with others, and by the way, this will not change with the end of the crisis.

There are plenty of platforms that offer great solutions that make the experience of creating a store easy and simple for everyone.

This product can be tangible or intangible, and services can be sold instead of products as well, and the great thing is that you don't have to own a product at all.

What is the best and easiest option to get started in e-commerce and why?

In fact, like the world of technology and the Internet, which is very flexible... this is how e-commerce is characterized by flexibility and provides many options.

For example, there are a lot of simple and easy options for getting started in e-commerce (I will cover one of them in a separate point below).

But here we will talk about professional options, i.e. creating an independent professional store and selling through it, but even this case has a lot of options, the most important of which is: the use of e-commerce platforms

2- Profit from the Internet through Instagram:

Instagram is one of the excellent platforms for making a profit from the Internet, but in indirect ways. It is known that Instagram does not give money to account holders, even if their followers are in the millions.

But of course, whoever has an account with a good number of followers, he has many and many ways to profit from Instagram, and the idea is simply based on exploiting followers to generate profits in ways that include third methods such as:

A company that wants to promote its products.

Affiliate marketing company.

Send visitors to a blog with Adsense ads.

Steps to profit from Instagram

Choosing a field to specialize in (we recommend choosing one that you have knowledge and passion about).

Create a professional Instagram account.

Start posting useful posts and attract followers.

Keep posting more useful posts.

Choose one of the ways to profit from Instagram.

Start generating profits.

3- Online investing:

A) Investing online by buying and selling with a profit margin.

We can see investing online in this type very clearly in the case of trade in domain names

B) investing online by buying promising projects

There are a lot of smart projects that have appeared recently that have been bought by Internet whales, such as the WhatsApp application that Facebook bought, and the site Souq.com that Amazon bought.

In fact, to invest in promising projects, it is not necessary to have a capital estimated at billions of dollars, but investment is always present in all sizes.

c) Investing online by adopting promising minds

There are a lot of great creative ideas that remain in the minds, because no one will embrace them and turn them into reality. You can reach one of these minds and invest with him in implementing his idea and achieve fantastic profits.

But you have to deal intelligently and wisely to reach the right person, and then measure his idea on the scale of practical investment and make sure of the profitability of the idea before anything.

d) Investing online by trading securities

 Stock trading is a system that allows you to trade shares of major companies, as well as government bonds. By subscribing to a local or international stock exchange, you can buy shares and sell them after a while to achieve a good profit margin.

4. Profit from the Internet through YouTube

YouTube is the third largest site in the world in terms of popularity and visitor rate, and it is also the second largest search engine in the world of the Internet. There are thousands of people around the world, hundreds of thousands, who make money from YouTube on a daily basis.

All you have to do to join this list and start earning from YouTube is to make videos worth watching.

It uploads it to YouTube, and participates in the revenue-sharing program that Google also provides to profit from videos.

5. Profit from the Internet through link shortening sites

Link shortening companies are companies where you can put any link to give you another short link, everyone who visits that link sees some ads before going to the destination web address.

Some link shortening sites are basically advertising companies, and they share a part of their profits for everyone who shortens their links through them.

This company will give you a percentage of its profits if you get good visits to the shortened links through it. The genius thing about these companies is that they allow you to shorten any links whether you have them or not.

Miner fox

 Minerfox


Minerfox is a licensed and reliable cloud mining site that enables you to invest your money easily and safely. We will briefly explain what Minerfox is and how it works.

What is the Miner Fox website?

Minerfox is the best cloud mining and trading platform with the most reliable and advanced cloud mining technology. Cloud mining allows you to use the computing power of mining equipment hosted in specialized data centers without owning or maintaining the equipment. Unlike traditional cryptocurrency mining, which is very difficult, Minerfox gives users a unique opportunity to start mining right away. Get regular passive income without having to buy huge expensive hardware or having to have in-depth technical knowledge.

How does the site work?

After the user deposits the funds, we divide the amount into two parts. A section for cloud mining and a section for cryptocurrency trading All that is required of the user is to pay for equipment and electricity. All work is carried out by the service department and service partners. The work has been regulated for a long time and it cannot be simply promotional or overlapping work. Our partners are the UK's largest mining and trading organisations, and our suppliers have been in business for a long time. Once we receive your payment, your devices will appear in your personal account and you will expect to have them installed and paid for. You will start mining cryptocurrency continuously and permanently, and the amount of money obtained will be displayed in your personal account and ready for withdrawal. Deposits and withdrawals are available at any time. Ensure that your funds are not used for any ongoing trade prior to withdrawal. The available amount appears in your dashboard on the main page of the investment platform.

What is the minimum amount that I can invest?

 The minimum investment amount is $20. But you can only deposit $10 and start investing because they offer $10 as a bonus.

They have 3 investment plans.

The first plan

You can deposit from 20 - 99 dollars with a daily profit rate of 15.5% for 10 days (you can withdraw money daily with a minimum of 10 dollars).

For example, if you deposit 50 dollars, you will earn 27.5 dollars within 10 days.

Second plan (Professional)

You can deposit from 150 - 999 dollars with a daily profit rate of 18.5% for 7 days (you can withdraw money daily with a minimum of 10 dollars).

For example, if you deposit $200, you will earn $59 within 7 days.

Third Plan (VIP)

You can deposit from 1100 - 5000 dollars with a weekly profit rate of 40% (you can withdraw the money only after a week from the start of the investment).

For example, if you deposit $2000, you will earn $600 within 7 days.

Website languages:

Arabic.

English.

Spanish.

Is the site reliable?

The site is licensed in Britain under registration number 14054170

Site Features:

The investment time is suitable to increase your capital in a short time.

Small investment amount starting from $20.

Good profit rate.

Possibility of daily withdrawal.

Two-factor authentication is supported by Google.

24/7 support.

Good reviews on trustpilot.

Website registration link: http://bit.ly/3hGx7dA


UGAREX

The ugarex platform is an Arab Gulf platform, one of the truest platforms that has appeared in the Arab world, its idea is simply to deposit an amount and this amount achieves daily, weekly, monthly and annual profits. The platform has plans for profits, including what is free and what is paid

 When you register, you take $5 as a gift from the site. You work with them. All you have to do is open and take your profits every day.. The withdrawal limit is $20, and you don't have to make a deposit to work, not even to withdraw your money.

This is for the free plan, but if you want to invest your money, you make a deposit for the amount you want to invest without any losses completely

 It has more than one method for depositing and withdrawing, Perfect Money, PayPal, Skrill, Pioneer and Vodafone Cash.

When you open the site every day and log in, you get a reward for logging in, in addition to the amount of $ 5 as a gift for registration on the site that can be withdrawn and deposited. and financial trading

Register from here!

https://bit.ly/3UWg0mm





US CLOUD MINER

How do you generate passive income by mining cryptocurrency?

Introduction: What is cryptocurrency, how does it work, and what is the difference between bitcoin mining and other currencies?

Keywords: cryptocurrency mining, bitcoin mining, altcoin mining, how bitcoin works

Best Profitable Cryptocurrency for Home Mining

Keywords: cryptocurrency miner software, cryptocurrency miner app, best free crypto miner software

How to start mining bitcoin or other cryptocurrency at home

Keywords: free bitcoin miner download, altcoin miner free download

Bitcoin mining pools vs solo mining and which is better for beginners?

Keywords: Solo Mining bitcoin software download pc mac xbox one ps4 xbox 360 gamecube ds game boy Advance gba ndsi gameboy Advance gp32 gp2x wii vita pc emulator usb loader best ipad emulators ios

Making money online is not as easy as it seems. It requires a lot of time and effort. But thanks to the internet, cryptocurrency mining has become a viable option to earn money online.

Cryptocurrency mining is a process that involves solving complex mathematical equations to generate coins. It does not require any special skills or knowledge and can be done in the comfort of your own home.

The Internet provides many ways to mine cryptocurrencies, but the most popular is cloud mining that takes place through remote servers and does not take up much space on your computer or laptop.

The cryptocurrency mining industry is booming. There are many people who invest in this industry and make a lot of profits from it. Cryptocurrency mining is a way to make money from the internet without doing anything at all.

There are many ways to make money from the internet, but cryptocurrency mining is one of the easiest ways to do it. It's not like you need any special skills or knowledge, just an investment and some time. Link to register on this site 

The harder you work, the more money you will make


1. Register to get 170GH/s hashpower worth $5.



2. Deposit. Earn higher returns.
Please refer to the table for details of the return ratio of different levels.

                 
             Level                            hashpower(GH/s)                        Daily ROI                Monthly income($)
                1                                 170                                           1%                         1.48
                2                                 1000                                1.2%                        10.46
                3                                 4000                                1.4%                        48.83
                4                                 20000                                1.6%                        279.02
                5                                 60000                                1.8%                        941.70
                6                                 165000                                   2%                        2877.43
                7                                 325000                                 2.2%                6234.43
                8                                 600000                                 2.4%                12556
                9                                 800000                                 2.6%                18136
                10                                 1000000                                 2.8%                 24414
                11                                 1250000                                    3%                 32698


3. Invitation rewards: (two rewards)


(1) Invite friends or newcomers who are real and have investment intentions to join. Invite a person can be rewarded 20GH/s.
(2) When your recommendation has an deposit, you can immediately get the reward of the number of deposit * 9% GH/s.
Subordinate recommended method: Post your promotion link to Whatsapp group, facebook group, messager group, telegram group, youtube comment area, TikTok comment area.
If you have the ability to make videos, you can record videos and send them to youtube and TikTok with your invitation link.
This will involve thousands of people.



Your estimated income:

If you can upgrade 10 referrals per day.
The second-tier income is expected to be 10*10 lower-level
The third-tier income is expected to be 10*10*10 lower-level
You can get three layers of income: (90+600+3000)/0.029=127242 GH/s
Equivalent to about $2,000 in monthly income, valid in perpetuity!
We hate fraud more than anyone!
If what you invite is not a real user, but an illegally registered user, the system has anti-fraud detection.
If found, your account will be banned immediately.